علي حرب

7d017d5924924d5494129b13edeeb8d7.jpg

   مفكر لبناني معاصر ولد عام 1941م في بلدية البابلية بجنوب لبنان، درس الفلسفة ودرسها في التعليم الثانوي، وكتب ما يسمى النقد التفكيكي -(الدلالة على نمط من قراءة النصوص بنسف ادعاها المتضمن أنها تمتلك أساساً كافياً في النظام اللغوي الذي نستعمله؛ كي تُثبت بنيتها ووحدتها ومعانيها المحددة) – على وجه الخصوص وهو لا يؤمن بجميع الأديان لا الإسلام ولا غيره. واعترف أنه لا يملك مشروعاً فكرياً، إنما هو هدم للعقائد ويقول: ”أن المنحى الصغرى التفكيكي بشكل الهم حدث فكري في النصف الثاني من القرن العشرين عند من يرى ويسمع أو يقرأ ويفهم، تزعزت ثوابت فكرية راسخة وتداعت قلاع ما ورائية حصينة“.

أسلوبه ومنهجه:

   ينتمي المفكر علي حرب إلى جيل المفكرين الذين شُغلوا منذ حرب حزيران عام 1968 بنقد الخطاب الديني وتحليله وتأويله، أمثال صادق جلال العظم، ونصر حامد أبوزيد، وعبد الهادي عبد الرحمن.

   اعتنى الدكتور علي حرب بالنص، وتقوم دراسته حول النصوص الفكرية والفلسفية. وسبب اهتمامه بالنصوص أن النص لم يعد مجرد أداة للمعرفة، بل أصبح ميداناً معرفياً مستقلاً ويهتم بالنظر إلى النص فقط دون اعتبار لقائله والمتكلم به، ودون اعتبار لأي ظروف محيطة به. ويبقى الإشكال مع النصوص الدينية أنها لا تنفصل عن قائلها، وأي نظر إليها دون النظر إلى مراد الله ومراد رسوله يفتح الباب للقول فيها بالظنون والأقوال الباطلة.

  يهتم أكثر بنقد النص، والنقد والنص مفهومان مصنوعان في حضارة الغرب، مفروضان من قِبل الثقافة الغربية. وقد أخذ بهذين المفهومين وأنزلهما على الإسلام ، أي أنه لا يتعامل مع النص بصورته الواقعية المعروفة بل باتجاهات الفكرة الغربية.

   النقد في نظر علي حرب أنه لا يقوم على نقد المذاهب والمدارس والأيدلوجات على أساس التفريق بين الصحيح والفاسد أو بين الصادق والكاذب أو بين العلمي والخرافي، وأنه لا يمثل أهمية كبيرة تعادل نقده الجديد بل يجب نقده، ويتعامل معه كرأسمال ثقافي، ويضع علي حرب بعض القواعد حول نقد النص منها:

  • النصوص سواء.
  • كينونة النص (لا يوجد حقيقة جوهرية للنص).

الشبهات والرد عليه:

   هو لايؤمن بجميع الأديان – لا الإسلام ولا غيره – وقد جهر بهذا في مواضع من كتبه، منها: قوله: “إنني أسعى إلى التحرر من كل أيديولوجة، وأحاول النهوض من كل سباتٍ عقائدي؛ أكان نبوياً أم فلسفياً، دينياً أم علمانياً، أصولياً أم حداثياً”. (الفكر والحدث، ص237).

  فتح النص أمام كل ناقد، وجعل النص كأي نص، وسلبه الحقيقة، وجعله رمزياً؛ فخف تعظيم الله سبحانه وتعالى وتعظيم رسوله صل الله عليه وسلم.

  يُنبّه علي حرب ويكرر ذلك مرارًا بأنه لا يمارس النقد بصورته التقليدية، فنقده (لا يقوم على نقد المذاهب والمدارس والأدلوجات على أساس التفريق بين الصحيح والفاسد، أو بين الصادق والكاذب، أو بين العلمي والخرافي) وإن كان أحيانًا يذكر أهمية مثل هذا النقد، ولكنه لا يُمثل أهمية كبيرة تعادل نقده الجديد، بل ويصب نقده اللاَّذع لمثل هؤلاء النقاد.

   (كينونة النص) حيث يصبح النص مستقلاً، ويُنظر إليه من دون إحالته لا إلى مؤلفه، ولا إلى الواقع الخارجي. وهو بذلك يطغى على الفكر البنيوي والألسني والفلسفي المعاصر. وإذا كنا نستطيع فصل النص عن قائله إلا أن دراسته وفهمه ستبقى ناقصة، وهذا في النصوص البشرية. أما كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسول صل الله عليه وسلم، فإن فصله عن المتكلم به معناه الابتعاد عن مراد الله سبحانه الذي أوضحه لنا رسوله -صل الله عليه وسلم- أتم توضيح وبيَّنه أفضل بيان، وبالتالي تُنزل الأهواء الشخصية والمرادات الفردية والرغبات الخاصة على هذه النصوص، وبهذا يصبح النص حتى على دعواه غير مستقل، وانفصاله لم يتم، فهو إن فصله عن المتكلم به، فقد جعل نفسه وكأنه المتكلم به؛ لأنه الوحيد الذي كشف حقيقته وعرف مراده المخفي والمعلن.

   لا يوجد حقيقة جوهرية للنص، وإذا لم تكن هناك حقيقة جوهرية وثابتة فلا مجال عندئذٍ للحديث عن الخطأ والصواب.. فالتخطئة أو التصويب يصحان إذا كنا نتعامل مع النص بوصفه يعكس أو يتطابق مع حقيقة ذهنية أو خارجية قائمة بمعزل عنه، (فالنص النبوي، مثلاً، لا تكمن أهميته في كونه يروي الحقيقة ويتطابق معها، بل تكمن بالدرجة الأولى في حقيقته هو، أي في رؤيته للوجود وفي آلية إنتاجه للمعنى وفي كيفية تعامله مع الحقيقة أو في طريقته في الكلام على الأشياء).

   لقد جعل علي حرب للنص ظاهرًا وباطنًا، فالظاهر ما يعرفه الناس، وباطن أو مخفي أو محتجب أو مستور وهذا ما يعرفه علي حرب عن طريق تفكيكية اليهودي جاك دريدا، وهذا يذكرنا بالظاهر والباطن عند أهل التصوف وأهل الباطن، وهذا ربما يفسر سر إعجابه الكبير بابن عربي وببعض المتصوفة، وهو بهذا يخالف مزاعمه في جعل النص واسعًا حيث ضيَّقه، وجعله محصورًا في جانب واحد، وهو الباطن المخفي.

  ويقول متطاولاً ومستهزئًا بالإسلام وأحكامه: “إذا تحدث الغربيون عن مسألة حقوق الإنسان نرفع الصوت عالياً بأن هذه الحقوق هي من صميم الإسلام، مع أن العقيدة الإسلامية شأنها – شأن سائر العقائد – لا تخلو من الاصطفاء والاستعباد” !!(حديث النهايات، ص65). ويقول: “الإسلام الحقيقي لم يوجد ولم يُطبَّق، لا في هذا الزمان ولا في صدر الإسلام”. (الممنوع والممتنع، ص 28).

  ختم حياته بأفظع كتبه “النص المؤسس ومجتمعه”، وقبله أكثر من (12) كتاباً آخر، منها: الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية، الإسلام بين الدولة الدينية والدولة المدنية، العرب والمرأة، حفرية في الأسطير المخيم، العمل والعمال وموقف الإسلام منهم، نعم للشريعة لا للحكم، قريش من القبيلة للدولة المركزية، شدو الربابة في أحوال الصحابة، فترة التكوين في حياة الصادق الأمين، الأسس الفكرية لليسار الإسلامي، دولة يثرب: بصائر في عام الوفود وفي أخباره، الطائفية إلى أين (بالاشتراك مع فرج فودة ويونان لبيب)، مجتمع يثرب: العلاقة بين الرجل والمرأة في العهدين المحمدي والخليفي”.