سامر الإسلامبولي

%d9%86

 

     سامر بن محمد نزار إسلامبولي سوري الجنسية، ولد في دمشق عام 1963م. جده الثاني من تركيا نسبة إلى إسلام بول التي كان اسمها قسطنطينية. ويعيش حالياً في دمشق متفرغاً للكتابة والأبحاث والمحاضرات باحث ومحاضر في الفكر الإسلامي، وعضو في اتحاد الكتَّاب العرب منذ عام 2008. وهو يعد من القرآنيين المنكرين للسنة النبوية، وممن يفسر القرآن بغير علم وعلى هواه، فخاض في مسائل تعد من المعلوم من الدين بالضرورة، وما يلي شبهتان من شبهه وسنرد عليها بإذن الله وتوفيقه.

الشبهة الأولى : يقول أن الحجاب الذي يغطي شعر المرأة هو حكم ذكوري وليس إلهي، وبما أنه أصبح في هذه المسألة اجتهاد، إذاً فدلالة النص ظنية وليست قطعية؛ لأن فهم القرآن سابقاً يختلف عن فهمه في وقتنا الحالي، بمعنى أن من زامن نزول القرآن فهم أن تغطية الرأس فرض. وتواتر هذا الأمر حتى أخذ الحجاب صفة الشرعية ولا يجوز لمجتمع أن يفرض فهمه على مجتمع آخر بمعنى أدق (تاريخانية النص).

الرد: لا يوجد في القرآن الكريم إلَّا آيتان تتحدثان عن الحجاب، وهما في سورة النور حيث قال تعالى: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[النور:31]. وفي سورة الأحزاب قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)[الأحزاب:59]. 

   نقول أن الخمار في اللغة العربية هو غطاء الرأس مثل قولنا: خمروا الآنية، أي غطوها والجيب هو فتحة الثوب. والآية في سورة النور تأمر المرأة أن تضرب بخمارها على جيبها، ومعنى الضرب أن تغطيه بشدة وبسرعة لا بالتراخي وقوله تعالى: (إلا ما ظهر منها) فيه أقوال أي يجب على المرأة أن تخفي كل ما هو زينة إلا ما ظهر منها أي الوجه والكفين، وهذا القول اعتمده جمهور المفسرين، وزاد الصحابة ما ظهر منها أي العين الواحدة وهو قول ابن مسعود وأخذ به ابن تيمية.

   لذلك قال ابن تيمية رحمه الله بالنقاب أي تغطية الوجه إلا العينين، فلم يحدد القرآن الكريم شكل اللباس الذي يجب أن ترتديه المرأة حتى لا يكون مشقة على نساء المسلمين، إنما فقط أن لا يكون ضيق أو يشف ما تحته. وكلام الله سبحانه وتعالى مناسب وملائم لكل زمان ومكان، وليس كما يدعي هذا الرجل إلا أن فهمه القاصر جعله يقول مثل هذه الهرطقات.

الشبهه الثانية: قوله بنفي المصدرية الإلهية عن الحديث النبوي؛ أي أن السنة ليست وحي من الله سبحانه وتعالى، وأنه لم ترد كلمة السنة أو الحديث في القرآن متعلقة بالنبي صل الله عليه وسلم، وأن هناك تناقض بين هذه الأحاديث فكيف تكون إلهية المصدر وفيها تناقض.

الرد: بلا شك حفظ الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم حيث قال(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[الحجر:9]. ومع حفظه للقرآن حفظ الله سنة نبيه -صلَّ الله عليه وسلم- وذلك بتيسير الرجال الذين عملوا واجتهدوا وجاهدوا أنفسهم لأجل السنة، فوضعوا القواعد الدقيقة والصارمة لضمان عدم الكذب على رسول الله، فكما أن القرأن من عند الله، فالسنة أيضاً وحي نزل على النبي صلَّ الله عليه وسلم بدليل قوله تعالى: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إن هو إلَّا وحي يوحى)[النجم:3-4].

  وأيضا من القضايا التي يجب أن تكون مسلَّمة لدى كل مسلم أن دين الله محفوظ من التناقض والتعارض، وشريعته مُنزَّهة عن التضاد والتضارب؛ لأنها منزلة من عند الله العليم الحكيم الذي لا تتضارب أقواله ولا تتنافر أحكامه. فلا يمكن أن يوجد دليلان صحيحان من حيث الثبوت، صريحان من حيث الدلالة يناقض أحدهما الآخر مناقضة تامة واضحة بحيث يتعذر الجمع والترجيح بينهما بحال من الأحوال. والقول بوجود تناقض بين أقوال الرسول -صلَّ الله عليه وسلم- إما أن يأتي من عدم المعرفة بعلم الحديث، بحيث لا يميز القارئ بين الصحيح من غيره فيورد التعارض بين أحاديث لا أصل لها، أو يعارض حديثاً صحيحاً بآخر مُختَلق. وإما أن يأتي من عدم الفهم وضعف الفقه في حقيقة المراد بالنص.

  وقد كان الإمام ابن خزيمة رحمه الله – وهو ممن اشتهر عنه الجمع بين الأحاديث التي ظاهرها التعارض- يقول: “لا أعرف حديثين متضادين، ومن كان عنده فليأتني به لأؤلف بينهما”. ولذا فإن من الأحكام الجائرة التي ألصقها المستشرقون وأذنابهم بالحديث وأهله: دعوى التناقض بين الروايات والأخبار، مما يجعل ذلك سبباً وجيهاً بزعمهم للتشكيك والطعن في الحديث النبوي.